<img src="http://im21.gulfup.com/2012-01-10/1326217923181.gif"/>
<img src="http://im21.gulfup.com/2012-01-10/1326217923181.gif"/>
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةموقع أصحاب بوكأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  نفحات اللسان عند هطول الغمام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فارس الرومنسية

avatar


عدد المساهمات : 20
نقاط : 30
تاريخ التسجيل : 11/01/2012
العمر : 27

 نفحات اللسان عند هطول الغمام	 Empty
مُساهمةموضوع: نفحات اللسان عند هطول الغمام     نفحات اللسان عند هطول الغمام	 I_icon_minitimeالأربعاء يناير 11, 2012 1:15 pm


+
----
-
قطر السماء وما أدراك ما قطر السماء لا أبلغ من قول المولى جل وعز: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء:30]، الإنسان والحيوان والجماد كل ذلك يفتقر إلى الماء ويرتوي منه، وكل ذلك يُهاجر ويصارع الموت من أجله.. ألا ترى الأرض القاحلة كيف تنكمش وتجمع نفسها إذا ورد الماء على جارتها!! الماء سرُّ وأي سر ونعمة وأي نعمة، الجُلُّ لا يقدِّرها حق قَدْرها ولا يعظمها حقَّ التعظيم ولا يعرف مقدار فضلها إلا من حُبست عنه فترى الرجال الأشداء يتصارعون على قطرة ماء في قاع بئر مظلم. يَبِسَت الأرض وخف الضرع وهلك الزرع وذبل الغصن فترى الأرض خاشعة هامدة فتأوّه وجهُ اليابسة وجف دمعها فصارت أوراق الربيع تساقط بدل الدموع.. فاستسقى الناسُ ربهم أن يكشف كربهم، وردوا المظالم وأدّوْا زكاة أموالهم وخرجوا يجأرون إلى الله: اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا سحا غدقا مجللا طبقا دائما، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.. واستغفروا ربهم مصدِّقين إن فعلوا ذلك بوعده. {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح:11]. وبين عشية وضحاها ركض في السماء غيم وأجْلبْ، وصار لفيفاً مرعباً وعانق السماء من كل صَوبْ فلا ترى عينك إلا السحاب الأبيض، تزبنه ريح عاصف {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [الحجر:22]، و{وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۚ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان:48]، وما زال يمشي ويتبختر حتى اجتمع جنده فأرسل صوتا مدويا أرعب القحط إرعابا ثم أتبعه بزئير صاخب ذاك هو الرعد.. وحتى يسير على خطى بيِّنة وشِرعة واضحة أبرق بريقا يأخذ بالعيون حتى وَصَل الأرضَ بالسماء فاكفهر الجو وتمعّر وكاد سنا برقه يأخذ بالأبصار.. وما فتئ الغمام يربو وينمو ويزجيه الله ثم يؤلف بينه حتى أصبح يمشي على الأرض ورأسه في السماء ركاما، وبين فَيْنة وأختها يومض ويُرعد حاملا وكاسحا ما يعترض في مسيره. فاختبئ كل شيء وجلا، وصار من لا يرى شيئا يعده شيئا.. فلما نظر إلى الناس وجد قلوبا تشقق ودموعا ترقرق فاستحيا من الله وخضل الدمع منه فأرسلها أرتالا تتلوها أرتال ينتحب ويئن ويُنزل من جبال فيها من برد، ولا يَجد أجدى من البكاء فكأن البحر تعلق بالسماء ثم نزل من شدة ما هطل من ماء عينه... وما أحلى الودق حين يخرج من خلال السحاب وثناياه كالجارية الحسناء حين تستر نفسها ولا تبدي سوى عينها النجلاء. فلما وجد استبشار البشر وحنين الحيوان وضحك الأرض تضائل فخف دمعه رحمة بهم ولكل شيء مقدار {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر:21]، {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} [المؤمنون:16]، فسجد لله وسبح وركع له وخضع حتى انجلى بعضه.. فتراقصت الأغصان وتعانقت، وارتدت رداء مخضرّا وناح الحمام على الفنن وتجاوبت الأطيار في نغم شكرا لله وحمدا. وازّيّنت الأرض بأبهى حللها وتلوّنت من كل لون وفن {اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [الحج:5].. فترى النخل بقنوانها دانية وترى جناتٍ من أعناب والزيتون والرمان فيالله!! وإذا كانت تلك حال الجماد فكيف حال الإنسان؟! لقد أشرق وجه الزُّرَّاع حين امتلأ الجدول فسقَوا النجم والشجر، وارتفع الزرع وآن حصاده.. (فأخرجنا به نبات كل شيء) فنعم الزاد الماء، "يشرب بها عباد الله"، طهور يَنفي الدَّرَن، ويقيم الأوَد ويَصرف الوَسَن.. "إن الله ليرضى عن العبد أن يشرب الشربة فيحمده عليها" شربة منه لكلب أدخلت جنةَ الخلد بغِيّاً، وسَقْيةٌ منه لأمير -ذهب يصطاد فأدركه العطش- أخْلفت ذهبا وإكليلا ومالا وفيرا وجاها عريضا. وما ظنك بشربة ماء يفديها هارون الرشيد بنصف ملكه إذا حبست عنه؟ هذا وهو في الرخاء.. فتالله لو كان في الضراء لفداها بملكه كله. وإن منة الله تعظم حين يحفظ هذا الماء النازل فلم يسِح في الأرض {وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ } [المؤمنون:16]، بل حفظه سبحانه: {وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ} [الحجر:22] فترى العيون يفجِّرها الماء تفجيرا وترى النهرَ والبحرَ كالأم الرؤوم فسبحان من عظُمت منَّتُه وجلّتْ قدرته!!. إن القلب ليرقص طربا والنفسَ تطير شعاعا حين أمشي تحت وقع الغيث وعلى رأسي مِظلة تحفظ جسدي من البلل، وعلى مِظلتي صوت الغيث يَحْدو وينشد كأنه أم تناغي ابنها، أو عندليب خرج من مقام الصبا ليدخل نهاوند، أهو أجمل من ذلك، فأفهم كلامه وأسمع جوابه فيخامر عقلي ويسحر فكري، فأمشي بلا وعي وأسير بلا هدف.. تالله تلك الحالة من روائع الدنيا ونعيمها أو تكون حزين البال كثير البلبال وإذا بالسماء تهطل، فترفع نافذتك تسمع أغنية الغيث للأرض، فتميد الأغصان يمنة ويسرة، فتُوسوس لك نفسك بالاستلقاء في أحضان الأرض تستنشق رائحة الماء وعبير الأرض.. ذلك الماء الطيب المبارك، أو تدري لم هو مبارك؟ لقد أجاب عن ذلك خير الورى صلى عليه ربي وسلم بقوله: إنه حديث العهد بربه. ولذ يُسن أن ترفع بعض لباسك ليمَسَ ماءُ السماء جسدك لقد تفنن الشعراء في التشبيه بالسحاب والغيث واخضرار الأرض لأنهم تذوقوا هذا الأمر واستحلوه، بل كانوا أشد شوقا له من الفلاح..لأن الشاعر يسقي روحه والزارع يسقي زرعه وشتان بين السُّقيتين أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا من الحسن حتى كاد أن يتكلما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فارس الرومنسية

avatar


عدد المساهمات : 20
نقاط : 30
تاريخ التسجيل : 11/01/2012
العمر : 27

 نفحات اللسان عند هطول الغمام	 Empty
مُساهمةموضوع: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ     نفحات اللسان عند هطول الغمام	 I_icon_minitimeالأربعاء يناير 11, 2012 1:16 pm


+
----
-
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فمع سرعة مرور الأيام -خصوصًا في آخر الزمان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ» (متفق عليه)- قد يَنسى الإنسان -مع جسامة الأحداث وكثرتها وتتابعها- كثيرًا مما يحتاجه مِن التأمل والتدبر في آثار ملك الله وقدرته التي تجعل القلب قبل اللسان يقول: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الملك:1]، ويحتاج الإنسان هذا التدبر؛ ليتخذ مواقفه في الحياة بناءً عليه، وليس فقط على الحسابات المادية وهي قوة أهل الأرض وقدرتهم.

في مثل هذه الأيام مِن العام الماضي كان مُلك "مبارك"، و"ابن علي"، و"القذافي" مُلكًا ذا أوتاد، وكانت أجهزة فساد هؤلاء تعيث في الأرض ظلمًا للبشر وانتهاكًا لحقوقهم، تحبس وتعذب، وتنتهك أعراضًا، وتقتل أنفسًا، وتأكل الأموال بالباطل، فأمر الملك الحق الذي بيده ملكوت كل شيء بقوله: (كُنْ) أن يتغير ذلك كله، فكان ما أَمر: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82].

وبالحسابات الأرضية ما حدث كان فوق خيالنا وأحلامنا، كما أن زوال ملك أمريكا وإسرائيل والغرب اليوم، واضمحلال سلطان الحضارة الغربية الجائرة الظالمة التي بُنيت على ظلم الإنسان لأخيه الإنسان تحت شعار: "حقوق الإنسان"، والتي أسست على استعباد الإنسان بالشهوات تارة، وبالقهر تارة - هو اليوم ما زال فوق الخيال والأحلام، ومِن أجل ذلك لا يزال الطابور الخامس -الطويل جدًّا- مِن العملاء يعمل لحساب الأعداء؛ ليقبض ثمنًا بخسًا من دنيا حقيرة: ملك زائل، أو مال ذاهب، أو شهرة، أو جاه، أو جنس، أو صدارة إعلامية؛ ليبيع دينه وأمته، ويكيد المؤامرات؛ لتخريب البلاد! لا يعبأ بتألم مظلوم، أو بجوع فقير، أو بتأوه مريض، ولا بدموع أم تفقد ولدها، ولا بغصة يتيم يفقد أباه، ولو شهدوا أنه الله بيده الملك، وأنه على كل شيء قدير؛ لتغيرت مواقفهم.

وأتذكر نفسي في مثل هذه الأيام أنتظر التهديد الذي أُبْلِغْتُه منذ أشهر قبلها مِن أجهزة أمن الدولة بأن بقاءنا خارج السجن هو لعدة أشهر فقط، وقد حان موعد "الضربة الإجهاضية" التي تتكرر كل عدة سنوات بعد أحداث تفجير "كنيسة الإسكندرية"! والمجزرة التي كان يتعرض لها الإخوة عقبها في مبنى المديرية القديمة، وكان من نتيجتها مقتل الأخ "سيد بلال" -رحمه الله وجعله من الشهداء.. آمين-.

ولا أملك أن أدفع عنه شيئًا، لا أملك إلا أن أقول: "ربنا إنا مغلوبون فانتصر"، لا أملك إلا أن أقول لهم: قد مر بالنبي -صلى الله عليه وسلم- زمان كان يرى فيه ياسرًا وسمية وعمارًا يُعذبون، فيقول لهم: «صَبْرًا يَا آلَ يَاسِرٍ، فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ» (رواه الحاكم، وقال الألباني: حسن صحيح)،

فتستهزئ بكلامي الصحف الصفراء -التي ما زالت إلى اليوم صفراء بحقدها وحسدها- وتتهمني ببيع القضية، وكم مِن مُتهم إلى الآن، والموعد القيامة.

أتذكرني وقد ذهبت مع المشايخ الكرام الأفاضل لمبنى "أمن الدولة" مطالبًا بمقابلة وزير الداخلية؛ لإيقاف المأساة التي يتعرض لها الإخوة، والتي أُهدَّد بأنها ستزداد بتوسيع دائرة الاشتباه إذا لم يستدلوا على ذلك المجهول الذي دبر ونفذ، ولا بد أن يظهر، ولا بد أن يكون منا؛ فأيدي الإرهاب عندهم لا تخرج عنا، وأذكِّرهم في لقائي بهم بقول الله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:93]، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ سَفْكِ دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ» (رواه الترمذي والبيهقي، وصححه الألباني)، وبقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ» (رواه مسلم)، - فأُستقبل بضحكة صفراء؛ لغرابة الطلب؛ ولشدة التذكير الذي كان لا ينتظر مثله!

وأخبروني بالمنع من أي رد فعل؛ حتى مجرد صدور بيان لاستنكار ما يحدث، وقد سبق لنا بيان في استنكار "حادث الكنيسة"، لكن ما يحدث لإخواننا لا يستحق عندهم استنكارًا؛ لأنه كما قالوا لي: "من قال لك: إن هناك تعذيبًا؟! ومن قال لك: إن سيد بلال قد قتل؟! ومن قال لك: إن هؤلاء المقبوض عليهم سلفيون؟!" -كنت أود أن أقول: والله إنك تعلم أني أعلم أنك تكذب-، كان الجواب عندهم جاهزًا: "انتظر تقرير الطب الشرعي؛ وإلا فنحن قادرون على التعامل الأمني مع أي رد فعل، وأظنكم لا تريدون مزيدًا مِن الخسائر".

ومرت أيام وتبدلت أحوال، فأمِن خائف، وخاف ظالم -كان أيضًا خائفًا بسبب ظلمه، وإن كان يقنع نفسه بأنه آمن-، وذل عزيز، وعز ذليل، وحبس طليق، وأطلق أسير.

أتذكرني وأنا أرى صورتي في هيئة منكرة تحت عنوان: "أخطر رجل في مصر"! على غلاف "روز اليوسف" -لسان حال الأمن دائمًا قبل الضربات المؤلمة-، وأقرأ ما فيها متشرفـًا بذمهم، متبرأ من مدحهم، متعززًا بطعنهم؛ فإن ذم هؤلاء زين ومدحهم شين، فإذا بالأحوال تتبدل، والأيام يداولها ربُّ الأولين والآخرين، فيهرب "زين العابدين"، وتتصعد الأحداث بما فوق الخيال، وبما فوق التدبير البشري، وبما يخالف حسابات أي عاقل يزعم أنه يحسن الحساب!

كل ذلك؛ لنوقن أن الله مالك الملك، وأن بيده ملكوت السماوات والأرض، وأن قلوب العباد بين أصبعين مِن أصابعه يقلبها كيف يشاء، وأنه يخفض ويرفع، ويعز ويذل، ويقضي بين خلقه بالقسط، وأنه يقص الحق وهو خير الفاصلين.

فاعتبروا يا أولي الأبصار.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فارس الرومنسية

avatar


عدد المساهمات : 20
نقاط : 30
تاريخ التسجيل : 11/01/2012
العمر : 27

 نفحات اللسان عند هطول الغمام	 Empty
مُساهمةموضوع: يا غوثاه لأمة محمد     نفحات اللسان عند هطول الغمام	 I_icon_minitimeالأربعاء يناير 11, 2012 1:18 pm


+
----
-
لم يعد خافيًا على كل ذي لب وعقل وضمير حي ما نزل بأهلنا وإخواتنا في الشام من بلاءٍ شديدٍ وقتل وتدمير وإبادة تعجز الكلمات عن تصويرها.. الأمر الذي يتطلب النجدة وحشد الطاقات لتلافي الآثار الخطيرة التي قد تنجم عن ذلك وهاكم ما ذكره ابن كثير -رحمه الله- في البداية والنهاية: "أن عمر عس المدينة ذات ليلة في عام الرمادة فلم يجد أحدًا يضحك، ولا يتحدث الناس في منازلهم على العادة، ولم يجد سائلًا يسأل، فسأل عن سبب ذلك، فقيل له: يا أمير المؤمنين، إن السُّؤَّال سألوا فلم يعطوا فقطعوا السؤال، والناس في هم وضيق، فهم لا يتحدثون ولا يضحكون، فكتب عمر إلى أبي موسى بالبصرة: أن يا غوثاه لأمة محمد، وكتب إلى عمرو بن العاص بمصر: أن يا غوثاه لأمة محمد، فبعث إليه كل واحد منهما بقافلة عظيمة تحمل البر وسائر الأطعمات".

وهذا الأثر جيد الإسناد مجاعة أصابت الناس أرقت نفس عمر الزكية فاستنفر الأقاليم المجاورة، فلم يقر له قرار حتى أزال آثار المجاعة، وطلب الغوث حتى أشبع الناس والقرآن الكريم بقصصه وعبره يشحذ العزائم، وينبه للخطر الداهم، ويستحث النفوس ويستنفرها لتلافي الخطوب المحدقة.. يقول الفقيه المحدث العابد الوزير العباسي الصالح ابن هبيرة الدوري في قوله تعالى: {وَجَاءَ رَ‌جُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ} تأملت ذكر أقصى المدينة، فإذا الرجلان جاءا من بُعد في الأمر بالمعروف، ولم يتقاعدا لبعد الطريق، وأقصى المدينة جاء في قصة موسى -عليه السلام- عندما تآمر عليه الملأ ليقتلوه، وفي خبر مؤمن آل ياسين عندما أجمع أصحاب القرية على رجم المرسلين أو إذاقتهم العذاب الأليم إن نفسا ترتضي الإسلام دينًا ثم ترضى بعده أن تستكينًا أو ترى الإسلام في أرض مهينًا ثم تهوى العيش نفس لن تكونا في عداد المسلمين العظماء.

لما تولى نور الدين زنكي الخلافة رئي متجهمًا، وأراد العلماء والفقهاء التخفيف عنه لما يعلمون من صلاحه وتقواه، حتى جعل المفتي في الجامع الأموي بدمشق خطبته عن التبسم بعد أسبوع من تجهمه وتوليه السلطنة، وظل نور الدين زنكي متجهمًا، فسأله العلماء بعد صلاة الجمعة وقد اجتمعوا به عن سبب تجهمه؟ فقال لهم: والله إنني لأستحيي من الله أن يراني مبتسمًا وفي ديار الإسلام قدم لكافر.. أتريدني أن أبتسم والقدس بيد النصارى؟ أتريدني أن أسرَّ والمسجد الأقصى بيد النصارى؟ لا والله!! هؤلاء هم الرجال العظام الذين كانوا لهم بصمات واضحة مؤثرة في حركة التاريخ، وهم الذين يستحقون رحمة الله.. {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:71]. هم الذين يعين بعضهم بعضًا، ويوالي بعضهم بعضًا خصوصًا في أيام الشدائد والمحن.. روى البخاري.. (قال إبراهيم -عليه السلام-: يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر، قال: فاصنع ما أمر ربك، قال: وتعينني؟ قال: وأعينك) ؛ لا كالخليفة العباسي الناصر لدين الله الذي ورد ذكره في كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة لما دخلت التتار البلاد وملكوا من ما وراء النهر إلى العراق، وقتلوا تلك المقتلة من المسلمين، التي ما نكب المسلمون بأعظم منها، دخل الوزير على الخليفة الناصر لدين الله فقال له: آه يا مولانا؛ إن التتار قد ملكت البلاد وقتلت المسلمين! فقال له الناصر لدين الله: دعني أنا في شيء أهم من ذلك! طيرتي البلقاء لي ثلاثة أيام ما رأيتها، لا بأس عند هذا الخليفة بليد الإحساس والشعور أن تباد الأمة، وتزول الخلافة، وتصبح الأمة رهينة بيد أعدائها، من أجل شهوة باردة

أمةَ العُرب أمة المجد ما دها *** ك وأين هُمُ ذوو النفوس الأبية
أين أحفاد خالدٍ وصلاحٍ *** أين أتباع سادة العبقرية؟
أمةَ العرب هبي واستعيدي *** ذروةَ الخير والحياةَ الرضية
لا يرد الحقوق إلا رجال *** وكتاب يعزز البندقية

ومن أجل خدمة الأمة نوَّع رسول الله صلى الله عليه وسلم طرق الخير المعينة على إعانة كل ضعيف ليقوم كل فرد بما يستطيع من جهد.. روى الترمذي عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلاَلِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ». (قال الترمذي: حسن غريب وقال الأرنؤوط والألباني: صحيح) واستلهم الشيخ الشعراوي -رحمه الله- من قبس النبوة ففاض فؤاده وبيانه بهذه الأبيات الشعرية المعبرة عن إحساس المؤمن، فقال أبياتًا يستنهض العزمات لنجدة البوسنة، واستنقاذها من مخالب الصرب:

اليوم يوم الزحف لا تتقاعسوا *** ولكل فرد في المواهب مغنم
مِن صاحب الرأي الحكيم مشورةٌ *** ومن الشجاع حمية تتقدم
ومن الغني سماحُه ونواله *** ومن القؤول مقالة تتقدم
حتى الضعيف جهاده دمع جرى *** حزنا على أن لا يجد ما يُسهم
والحاكمون عليهم تعضيدُنا *** بحمية تثري الجهاد وتبرم


فيا أيتها الأمة الإسلامية..يا أصحاب النجدة والكرامة..يا أحرار العالم.. يا أصحاب الضمائر الحية.. يا غوثاه لأمة محمد في بلاد الشام المباركة.


عبد العظيم بدر الدين عرنوس
المختار الإسلامي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نفحات اللسان عند هطول الغمام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نفحات اللسان عند هطول الغمام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتدى الأسلامى :: المنتدى الأسلامى العام-
انتقل الى: